خصائص عقد التأمين
خصائص عقد التأمين
زياد الخطيب
معاون المدير العام
مدير الشؤون القانونية
إن عقد التأمين من العقود المستحدثة، أي أن التأمين من المعاملات الحديثة التي لم تعرفها الأمم السالفة إلا في ما ندر.
وقد ازدادت أهمية التأمين في العصور الحديثة بناء على ازدياد وتكاثر وتعاظم وتنوع المخاطر وأسبابها ومن ثم جسامة الأضرار المتأتية عنها فيما تخلفه من آثار.
وأرى في هذه العجالة أن نبين خصائص التأمين لما يتسم به من أهمية، فقد نص القانون المدني في المادة /713/ على أن عقد التأمين هو عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أي تعويض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد لقاء قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.
وإن أول خصائص التأمين هي
أولاً: الرضائية:
أي أن عقد التأمين هو عقد رضائي يكفي لانعقاده توافر إيجاب وقبول طرفيه، وهذه الرضائية مفترضة وموجودة حتى في التأمين الإجباري كما في التأمين الإلزامي الناشئة عن حوادث السيارات ومستلزمات الأمن المهني أو الصناعي.
ثانياً: عقد التأمين ملزم:
أي أنه ملزم للجانبين، هذا من حيث المضمون، وهذه الصفة التبادلية لعقد التأمين إنما تتضح من تعريف القانون المدني السوري في المادة 713 المقابلة للمادة 747 من القانون المدني المصري، حيث نصت هذه المادة ((عقد التأمين عقد يلزم المؤمن بمقتضاه وذلك لقاء قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن))، فهو إذاً يبرز صفات والتزامات تبادلية فيتعهد المؤمن بتحمل الخطر المؤمن ضده في مقابل التزام المؤمن له بدفع الأقساط.
ثالثاً: عقد التأمين عقد معاوضة:
أي أن كل طرف فيه يعطي مقابلاً لما يأخذ، فيدفع المؤمن له الأقساط ويتحمل المؤمن تبعة الخطر فيدفع للمؤمن له مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه، وذلك لأن الخطر ذو صفة احتمالية، وهذه الاحتمالية هي أيضاً صفة لازمة في عقود المعاوضة.
رابعاً: التأمين عقد احتمالي:
إن عقد التأمين عقد احتمالي من حيث الربح والخسارة، وهو قائم على الاحتمالية كالمقامرة والرهن والإيراد المرتب مدى الحياة. وهذه الاحتمالية تقوم في العلاقة بين المؤمن والمؤمن له من الناحية القانونية، إذ أن مقدار ما يعطيه كل منهما أو ما يأخذه لا يعرف عند إبرام العقد لأن هذا متوقف على تحقق الخطر المؤمن منه أو عدم تحققه.
خامساً: عقد التأمين عقد زمني:
فهو عقد مدة، ومعنى ذلك أن عقد التأمين عقد زمني يعقد لزمن معين يرتبط فيه وضمن زمنه طرفا العقد، فيلزم المؤمن لمدة معينة يتحمل فيها تبعة الخطر المؤمن منه بدءاً من تاريخ معين وإلى نهاية تاريخ معين، وأيضاً بالمقابل يلتزم المؤمن له في ذات المدة بأداء أقساط طوال هذه المدة. وعليه فإن عقد التأمين يترتب عليه كونه عقد زمني أنه إذا أفسخ هذا العقد أو انفسخ فإن انحلاله يكون من وقت الفسخ لا من وقت نشوءه فيكون ما نفذ منه حتى ذلك التاريخ سارياً وقائما.
سادساً: التأمين عقد إذعان:
وهذا يعني أن أحد طرفي العقد أقوى من الطرف الآخر، فيذعن الطرف الضعيف للطرف القوي وهذا الأخير يفرض إرادته وشروطه. وفي عقد التأمين المؤمن هو الجانب القوي وليس على المؤمن له إلا القبول بشروط المؤمن، وهذه الشروط أغلبها مطبوع وتعلن للناس كافة.
سابعاً: عقد التأمين مدني تارة وعملاً تجارياً تارة أخرى:
يوصف عقد التأمين بأنه عمل مدني تارة وتارة أخرى عملاً تجارياً، وذلك بحسب صفة كل من طرفيه، وذلك ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، أو تبعاً لطبيعة ونوعية التأمين لأحد فريقيه، كما أنه من الجائز أن يكون عقد التأمين عملاً مختلطاً، تجاري لجهة ومدني لجهة ثانية، ولتحديد الصفة المدنية أو التجارية أهمية خاصة في تحديد جهة الاختصاص القضائي عند قيام نزاع ناشئ عن عقد التأمين.
ثامناً: عقد التأمين من عقود حسن النية:
إن مبدأ وجوب مراعاة حسن النية من المبادئ التي تسري على العقود، وهذا وفق المادة149 من القانون المدني السوري، ويجب أن يتم تنفيذه طبقاً لما يشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.
وبهذا نكون قد ألقينا بعض الضوء وبشكل موجزعن خصائص عقد التأمين لما له من أهمية في عصرنا الحاضر، ولما للتأمين من دور كبير على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.